السبت، 3 يوليو 2010

وعادت قريظة 3.. مذكرات ثلاثة أشهر في وسط البهائم

(3) لم يكن هناك بد من كتابة تقارير بالمخالفات وتسليمها ل "فتحي" مدير المشاريع!.. والمدير العام "سعد" أو "أبو مشاري" كما يحلو له أن ينادى بها.. أستجمعُ المخالفات تفصيلا ثم أعقب عليها برفضي لهذه الأعمال المخالفة ولجميع ما يترتب عليها من بنود في حالة عدم تصويب المخالفات، ثم أنصُّ على إخلاء مسئوليتي عن كل ما يترتب على ذلك من رفض أي جهة إشراف لاستلام الأعمال أو من أية خطورة إنشائية فيما بعد التسليم..

يرفض فتحي استلامها بطريقةٍ مهذبة.. أصررت علي تسليمه إياها ودخلت لزعيم العصابة "سعد" والذي وجهت إليه نسخة هو الآخر بصفته المدير العام.. فيتفقان معي على أن أسلم أي خطابات أو تقرير لدي "محمد سالم" المحاسب بالمؤسسة والقائم بجميع أعمال السكرتارية!.. واجهتهما بصراحة.. لماذا لا تتسلمان مني التقارير بصفة شخصية؟ وما هي صفة "محاسب" ليتسلم مني خطابات بتقارير فنية؟!


فقال فتحي (في بلاهة الأحمق حين يتعمد التحامق) : أصل أنا مكتبي بيدخله ناس كتيير.. وجايز تقرير منهم يضيع ولا حاجة فإحنا نحفظه عند محمد أحسن وهو يوزع علينا نسخ..

نظرتُ إليه وقد تهيأ لي رأسه رأس فأرٍ يتخابثُ حول مصيدة.. وددتُ لو أمسك بعصا غليظةٍ فأدقُ بها ذلك الرأس العفن.. لكنني لا أرضي له أن يموت هكذا بضربة عصا * * * انشغلت بإعداد المستخلصات والتقارير لصرف المستحقات من وزارة التربية والتعليم عن الأعمال السابقة التي أنجزوها في ثلاثة مدارس تابعة للمؤسسة.. لم يبق سوى توقيع المهندس المعتمد رسمياً لدي الوزارة عن كل مشروع.. ذهبت لمقر المؤسسة وقدمت المستخلصات لفتحي.. تفحصها بنظرةٍ عابرةٍ تماماً كما يتفحصُ البوابَ وثيقةٍ كتبت بالألمانية

! اعتدل في جلسته وبنبرةٍ هادئةٍ واثقة: تمام.. شوف ياباش مهندس.. عاوزك بقي توقع لكل مهندس من المهندسين المعتمدين دول توقيع تحفظه متنساهوش أبداً عشان المستخلصات الجية..

صُدِمتُ من وقاحته وهو يطلبُ التزوير في ثقةٍ وبراءةٍ كما يطلبُ الطفلُ من أبيه أن يدخله دورة المياه! - (بنظرة اشمئزاز أكاد أتقيأُ معها على وجهه) : أنا لا أوقع توقيع سوى توقيعي..

- (بنبرةٍ باردةٍ وقحة كأنما أصبح هو الطبيعي والأصل وأصبحتُ أنا الشاذ والغريب) : ليه ياباش مهندس فيها إيه؟!

- أبدا ما فيها شئ!.. تزوير فقط.. إن كنت تحب أن أقدم التقارير والمستخلصات بإسمي وأوقعها بإسمي فلا بأس.. أما أن أزور فهذا طلب مرفوض نهائياً..

- تناول قلمه في استعجاب! .. ثم زور لاثنين من المهندسين توقيعهما على تقريرين ومستخلصين .. ناولني الثالث: أنا وقعت اثنين.. وقع أنت الثالث..

ثار الدمُ في يدي وكدتُ أخلعُ نعلي لأدق به وجهه على الحائط.. كظمتُ غيظي بالكاد وتركته.. مرت أيامٌ ثم عاود فيها طلبه ثانية وثالثة ورابعة في إلحاحٍ لا يخفي فيه سوء نيته - شوف يا أخ فتحي.. لو أن والدي الذي هو والدي أمرني أن أوقع عنه "بتوقيعه هو" فلن أوقع.. - ليه يعني.. هما عندهم أدلة جنائية؟؟.. وبعدين لو حد عاوز يدخلك السجن في البلد دي هيدخلك من غير تزوير - ابق دخلني من غير تزوير مش مهم.. لكن متدخلنيش مزور.. والسجن ده تروح تخوف بيه واحد ميعرفوش * * * جمعتني الأقدار بالأستاذ "علي".. كنتُ كثيراً ما أحدثه عن نصبهم وغشهم وأكلهم أموال الناس.. كان جوابه المعتاد: هو فتحي طيب، بس هو في الشغل كدة .. مش هنقدر نغيره!.. - أستاذ علي أريد أن أتحدث معك قليلا.. - (تلفت يمنة ويسرة) : ليس هنا.. لا أدري لماذا كان يهابهم هذه الهيبة رغم عمره الذي قضاه هناك ورغم أنه شريك فتحي في مشاريعٍ أخري.. ظل يؤجلني مرة بعد مرة ويتشاغلُ حتي بدأ يشم رائحة الثورة ويتحسس سخونة المواقف.. يبدو أنه لم يعد يأمن بعد من انفجار الأمور انطلقنا بالسيارة نتجولُ بعيداً عن الموقع وأعينه وآذانه.. ظلتُ أقصُ عليه قصص الوقاحة المتزايدة والعفن المتسرطن فيهم.. وهو يسمعُ لا يُرى على وجهه مسحةُ عجبٍ أو استغرابٍ كأنني أحدثه عن أمورٍ معلومةٍ من الدين بالضرورة! - أتيتُ إلى هنا على عقد غيرِ مجدٍ.. فلا العقدُ وجدتُ ولا ما فيه ولا عملاً شريفاً ولا أسلوباً مهذباً.. حتي مصر المزور هناك لا يستطيعُ أن يتبجح في طلب التزوير والإلحاح فيه هكذا.. إنسان مثل فتحي هذا لو كان في مصر لألقي في السجن كالكلب منذ زمن.. - نحن لا نستطيع أن نقول لهم يريد أن ينزل الآن.. سيتكتلوا وسيقولون نريد ونريد وسيطلبون مبالغ.. - القانون يعطي الطرفين ثلاثة أشهر تجريبية وأنا لم أكد أبدا الشهر الثاني وهذا حقي.. أما طلباتهم وسخافاتهم فأنا الذي أطلب تعويضي وليس هم ..أنا الذي أدينهم - يا حسام هؤلاء كان عندهم مهندس اسمه محمد ونفوه في مشروع في الصحراء وكانوا فوق هذا يعطونه نصف ما يعطونك ويعاملونه معاملة غاية في السوء رغم شهادتهم له بالكفاءة.. ومع ذلك الرجل استمر معهم عامهم كاملاً وأكمل لهم المشروع وسلمه لهم ثم تركهم ولكن بعد سنة كما اتفقوا.. معني هذا أن "الأستاذ علي باشا" كان يعلم مسبقاً أنهم قوم سوء، ومع ذلك زكاهم لي وجعل منهم الأتقياء الأنقياء!.. حينها فقط عرفت لماذا قيل لي فيه حينما وصلت "قريبك ده ....".. هذا الذي كان يقول لي لا تترد وتعال وأية مشاكل أنا هنا وأنا هناك!!.. هذا الذي شاب رأسه هنا في المدينة ،، وشابت نخوته وصدقه ورجولته ايضأ.. -ولكنني لن أكمل معهم لا عام ولا نصف عام ولا حتي مشروع في هذا الوسط القذر.. وهذا أمر محسوم عندي.. علام أتحمل أمثال أولئك السوافل؟!.. هل جئت من مصر عاطلاً أم هل أخبرهم أحدٌ أنني لم أكن أجد قوت يومي؟!-؟!.. ويبدوا أنه لم يجد أملاً في محاولة ترويضي لهذا العفن فاختار الصمت * * *

هناك 4 تعليقات:

حياتى نغم يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اعانك الله وثبتك على الحق
وعدت ألى بلدك على خير

د/على خميس يقول...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ازيك يا باشمهندس ؟أخبارك ايه ؟يا ريت لو يتخلل هذا ( العفن ) قصيدة جامدة نستمتع بها
بارك الله فيك
تحياتى

المجاهد الصغير يقول...

السلام عليكم
اهنئك على صمودك وامانتك
ان شاء الله يجزيك الله خير من هذا العمل بافضل منه ويجزيك الثواب
فعلا حزينه للان هذه الاعمال الشيطانيه تكون بجوار حبيببى النبى
استغفر الله العظيم
كنت متصوره ان الرشوه والخداع والمصلحه والنفوز بس فى مصر؟؟؟
اللهم بلغنا رمضان

القلم السكندري يقول...

إخواني الكرام..

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيراً جميعاً علي تعليقاتكم الطيبة

ونسألكم الدعوات.. عافانا الله وإياكم من كل سوء


.................
د/ علي.. القصايد موجودة وتأمر يازعيم..

وآمل أن أجد وسيلة تواصل أخرى غير النت لأنني الآن "بلا نت!" ولا أجد سوى لحظات خاطفة كلحظتي هذه

دع لي وسيلتك على بريدي

enghoskab@yahoo.com